Ceramah Hadratus Syeikh Arifin bin Ali bin Hasan Singapore Kitab Tajul Hikmah 1 (20 Juli 2014)
Nasehat Keduapuluhlima: Penutup Dan Doa
بسم الله الرّحمن الرّحيم
أَيُّهَا الْوَلَدُ،
إِنِّيْ كَتَبْتُ فِيْ هٰذَا الْفَصْلِ مُلْتَمِسَاتِكَ فَيَنْبَغِى لَكَ أَنْ تَعْمَلَ
بِهَا وَلَا تَنْسَانِيْ فِيْهِ مِنْ أَنْ تَذْكُرَنِيْ فِيْ صَالِحِ دُعَائِكَ، وَأَمَّا
الدُّعَاءُ الَّذِيْ سَأَلْتَ مِنِّيْ فَاطْلُبْهُ مِنْ دَعَوَاتِ الصِّحَاحِ وَاقْرَأْ
هٰذَا الدُّعَاءَ فِيْ جَمِيْعِ أَوْقَاتِكَ خُصُوْصًا أَعْقَابَ صَلَوَاتِكَ
اَللّٰهُمَّ إِنِّيْ
أَسْأَلُكَ مِنَ النِّعْمَةِ تَمَامَهَا وَمِنَ الْعِصْمَةِ دَوَامَهَا وَمِنَ الرَّحْمَةِ
شُمُوْلَهَا وَمِنَ الْعَافِيَةِ حُصُوْلَهَا وَمِنَ الْعَيْشِ أَرْغَدَهُ وَمِنَ الْعُمْرِ
أَسْعَدَهُ وَمِنَ الْإِحْسَانِ أَتَمَّهُ وَمِنَ الْإِنْعَامِ أَعَمَّهُ وَمِنَ الْفَضْلِ
أَعْذَبَهُ وَمِنَ اللُّطْفِ أَنْفَعَهُ
اَللّٰهُمَّ كُنْ
لَنَا وَلَا تَكُنْ عَلَيْنَا
اَللّٰهُمَّ اخْتِمْ
بِالسَّعَادَةِ آجَالَنَا وَحَقِّقْ بِالزِّيَادَةِ آمَالَنَا وَاقْرِنْ بِالْعَافِيَةِ
غُدُوَّنَا وَآصَالَنَا وَاجْعَلْ اِلٰى رَحْمَتِكَ مَصِيْرَنَا وَمَآلَنَا وَاصْبُبْ
سِجَالَ عَفْوِكَ عَلٰى ذُنُوْبِنَا وَمُنَّ عَلَيْنَا بِإِصْلَاحِ عُيُوْبِنَا وَاجْعَلِ
التَّقْوٰى زَادَنَا وَفِيْ دِيْنِكَ اِجْتِهَادَنَا وَعَلَيْكَ تَوَكُّلَنَا وَاعْتِمَادَنَا
اَللّٰهُمَّ ثَبِّتْنَا
عَلٰى نَهْجِ الْإِسْتِقَامَةِ وَأَعِذْنَا فِى الدُّنْيَا مِنْ مُوْجِبَاتِ النَّدَامَةِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَخَفِّفْ عَنَّا ثِقَلَ الْأَوْزَارِ وَارْزُقْنَا عَيْشَةَ الْأَبْرَارِ
وَاكْفِنَا مَا أَهَمَّنَا فِيْ هٰذِهِ الدَّارِ وَفِيْ تِلْكَ الدَّارِ وَاصْرِفْ
عَنَّا شَرَّ الْأَشْرَارِ وَكَيْدَ الْفُجَّارِ وَاعْتِقْ رِقَابَنَا وَرِقَابَ آبَائِنَا
وِأُمَّهَاتِنَا وَإِخْوَانِنَا وَأَخَوَاتِنَا وَمَشَايِخِنَا مِنَ النَّارِ، بِرَحْمَتِكَ
يَا عَزِيْزُ يَا غَفَّارُ يَا كَرِيْمُ يَا سَتَّارُ يَا خَالِقَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ،
خَلِّصْنَا مِنْ هَمِّ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَالنَّارِ، يَا عَلِيْمُ يَا
جَبَّارُ يَا اللّٰهُ يَا اللّٰهُ يَا اللّٰهُ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ
وَيَا أَوَّلَ الْأَوَّلِيْنَ وَيَا أٰخِرَ الْأٰخِرِيْنَ وَيَا ذَا الْقُوَّةِ الْمَتِيْنِ
وَيَا رَاحِمَ الْمَسَاكِيْنِ وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، لَا إِلٰهَ إِلَّا أَنْتَ
سُبْحَانَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِيْنَ، وَصَلَّى اللّٰهُ عَلٰى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ، وَالْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ
Nasehat Keduapuluhempat: Kerjakan Empat Perkara
بسم الله الرّحمن الرّحيم
فَالأَوَّلُ - أَنْ
تَجْعَلَ مُعَامَلَتَكَ مَعَ اللّٰهِ تَعَالٰى بِحَيْثُ لَوْ عَامَلَ مَعَكَ بِهَا
عَبْدُكَ تَرْضٰى بِهَا مِنْهُ وَلَا يَضِيْقُ خَاطِرُكَ عَلَيْهِ وَلَا تَغْضَبُ،
وَالَّذِيْ لَا تَرْضٰى لِنَفْسِكَ مِنْ عَبْدِكَ الْمَجَازِيِّ فَلَا تَرْضٰى أَيْضًا
لِلّٰهِ تَعَالٰى وَهُوَ سَيِّدُكَ الْحَقِيْقِيُّ
وَالثَّانِى - كُلَّمَا
عَمِلْتَ بِالنَّاسِ اِجْعَلْهُ كَمَا تَرْضٰى لِنَفْسِكَ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَكْمُلُ
إِيْمَانُ عَبْدٍ حَتّٰى يُحِبَّ لِسَائِرِ النَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ
وَالثَّالِثُ - إِذَا
قَرَأْتَ الْعِلْمَ أَوْ طَالَعْتَهُ يَنْبَغِى أَنْ يَكُوْنَ عِلْمُكَ يُصْلِحُ قَلْبَكَ
وَيُزَكِّى نَفْسَكَ كَمَا لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ عُمْرَكَ مَا يَبْقَى غَيْرَ أُسْبُوْعٍ
فَبِالضَّرُوْرَةِ لَا تَشْتَغِلُ فِيْهَا بِعِلْمِ الْفِقْهِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْأُصُوْلِ
وَالْكَلَامِ وَأَمْثَالِهَا، لِأَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ هٰذِهِ الْعُلُوْمَ لَا تُغْنِيْكَ
بَلْ تَشْتَغِلُ بِمُرَاقَبَةِ الْقَلْبِ وَمَعْرِفَةِ صِفَاتِ النَّفْسِ وَالْإِعْرَاضِ
عَنْ عَلَائِقِ الدُّنْيَا وَتُزَكِّي نَفْسَكَ عَنِ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيْمَةِ وَتَشْتَغِلُ
بِمَحَبَّةِ اللّٰهِ تَعَالٰى وَعِبَادَتِهِ وَالْإِتِّصَافِ بِالْأَوْصَافِ الْحَسَنَةِ
وَلَا يَمُرُّ عَلٰى عَبْدٍ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ إِلَّا يُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ مَوْتُهُ
فِيْهِ
أَيُّهَا الْوَلَدُ،
إِسْمَعْ مِنِّيْ كَلَامًا أٰخَرَ وَتَفَكَّرْ فِيْهِ حَتّٰى تَجِدَ خَلَاصًا : لَوْ
أَنَّكَ أُخْبِرْتَ أَنَّ السُّلْطَانَ بَعْدَ أُسْبُوْعٍ يَجِيْئُكَ زَائِرًا، فَأَنَا
أَعْلَمُ أَنَّكَ فِيْ تِلْكَ الْمُدَّةِ لَا تَشْتَغِلُ إِلَّا بِإِصْلَاحِ مَا عَلِمْتَ
أَنَّ نَظْرَ السُّلْطَانِ سَيَقَعُ عَلَيْهِ مِنَ الثِّيَابِ وَالْبَدَنِ وَالدَّارِ
وَالْفِرَاشِ وَغَيْرِهَا، وَالْآنَ تَفَكَّرْ إِلٰى مَا أَشَرْتُ بِهِ فَإِنَّكَ فَهِمٌ،
وَالْكَلَامُ الْفَرْدُ يَكْفِى الكَيِّسَ، قَالَ رَسُوْلُ اللّٰهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ : إِنَّ اللّٰهَ لَا يَنْظُرُ إِلٰى صُوَرِكُمْ وَلَا إِلٰى أَعْمَالِكُمْ
وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلٰى قُلُوْبِكُمْ وَنِيَاتِكُمْ، وَإِنْ أَرَدْتَ عِلْمَ أَحْوَالِ
الْقَلْبِ فَانْظُرْ إِلَى الْإِحْيَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ مُصَنَّفَاتِيْ، وَهٰذَا الْعِلْمُ
فَرْضُ عَيْنٍ وَغَيْرُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، إِلَّا مِقْدَارَ مَا يُؤَدَّى بِهِ فَرَائِضُ
اللّٰهِ تَعَالٰى وَهُوَ يُوَفِّقُكَ حَتّٰى تُحَصِّلَهُ
وَالرَّابِعُ - أَلَّا
تَجْمَعَ مِنَ الدُّنْيَا أَكْثَرَ مِنْ كِفَايَةِ سَنَةٍ، كَمَا كَانَ رَسُوْلُ اللّٰهِ
عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُعِدُّ ذٰلِكَ لِبَعْضِ حُجُرَاتِهِ وَقَالَ : اللّٰهُمَّ
اجْعَلْ قُوْتَ آلِ مُحَمَّدٍ كَفَافًا، وَلَمْ يَكُنْ يُعِدُّ ذٰلِكَ لِكُلِّ حُجُرَاتِهِ
بَلْ كَانَ يُعِدُّهُ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّ فِيْ قَلْبِهَا ضَعْفًا، وَأَمَّا مَنْ كَانَتْ
صَاحِبَةَ يَقِيْنٍ فَمَا كَانَ يُعِدُّ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ قُوْتِ يَوْمٍ أَوْ نِصْفٍ
Nasehat Keduapuluhtiga: Tinggalkan Empat Perkara
أَيُّهَا الْوَلَدُ،
إِنِّيْ أَنْصَحُكَ بِثَمَانِيَةِ أَشْيَاءَ، إِقْبَلْهَا مِنِّيْ لِئَلَّا يَكُوْنَ
عِلْمُكَ خَصْمًا عَلَيْكَ يَوْمَ القِيَامَةِ، تَعْمَلُ مِنْهَا أَرْبَعَةً وَتَدَعُ
مِنْهَا أَرْبَعَةً، أَمَّا اللَّوَاتِيْ تَدَعُ
فَأَحَدُهَا - أَلَّا
تُنَاظِرَ أَحَدًا فِي مَسْأَلَةٍ مَا اسْتَطَعْتَ لِأَنَّ فِيْهَا آفَاتٍ كَثِيْرَةً
فَإِثْمُهَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهَا إِذْ هِيَ مَنْبَعُ كُلِّ خُلُقٍ ذَمِيْمٍ كَالرِّيَاءِ
وَالْحَسَدِ وَالْكِبْرِ وَالْحِقْدِ وَالْعَدَاوَةِ وَالْمُبَاهَاةِ وَغَيْرِهَا،
نَعَمْ لَوْ وَقَعَ مَسْأَلَةٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ شَخْصٍ أَوْ قَوْمٍ وَكَانَتْ إِرَادَتُكَ
فِيْهَا أَنْ يَظْهَرَ الْحَقُّ وَلَا يَضِيْعَ جَازَ الْبَحْثُ لَكِنْ لِتِلْكَ الْإِرَادَةِ
عَلَامَتَانِ : إِحْدَاهُمَا أَلَّا تُفَرِّقَ بَيْنَ أَنْ يَنْكَشِفَ الْحَقُّ عَلٰى
لِسَانِكَ أَوْ عَلٰى لِسَانِ غَيْرِكَ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُوْنَ الْبَحْثُ فِى
الْخَلَاءِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ فِى الْمَلَاءِ
وَاسْمَعْ أَنِّيْ
أَذْكُرُ لَكَ هَاهُنَا فَائِدَةً وَاعْلَمْ أَنَّ السُّؤَالَ عَنِ الْمُشْكِلَاتِ
عَرْضُ مَرَضِ الْقَلْبِ إِلَى الطَّبِيْبِ، وَالْجَوَابُ لَهُ سَعْيٌ لِإِصْلَاحِ
مَرَضِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَاهِلِيْنَ الْمَرْضٰى قُلُوْبُهُمْ، وَالْعُلَمَاءَ
الْأَطِبَّاءُ، وَالْعَالِمَ النَّاقِصَ لَا يُحْسِنُ الْمُعَالَجَةَ، وَالْعَالِمَ
الكَامِلَ لَا يُعَالِجُ كُلَّ مَرِيْضٍ بَلْ يُعَالِجُ مَنْ يَرْجُوْ قَبُوْلَ الْمُعَالَجَةِ
وَالصَّلَاحِ، وَإِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ مُزْمِنَةً أَوْ عَقِيْمًا لَا تَقْبَلُ
الْعِلَاجَ فَحَذَاقَةُ الطَّبِيْبِ فِيْهِ أَنْ يَقُوْلَ هَذَا لَا يَقْبَلُ الْعِلَاجَ
فَلَا تَشْتَغِلْ فِيْهِ بِمُدَاوَاتِهِ لِأَنَّ فِيْهِ تَضْيِيْعَ الْعُمْرِ
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ
مَرَضَ الْجَهْلِ عَلٰى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ : أَحَدُهَا يَقْبَلُ الْعِلَاجَ وَالْبَاقِى
لَا يَقْبَلُ، أَمَّا الَّذِيْ لَا يَقْبَلُ الْعِلَاجَ فَأَحَدُهَا مَنْ كَانَ سُؤَالُهُ
وَاعْتِرَاضُهُ عَنْ حَسَدِهِ وَبُغْضِهِ، فَكُلَّمَا تُجِيْبُهُ بِأَحْسَنِ الْجَوَابِ
وَأَفْصَحِهِ وَأَوْضَحِهِ فَلَا يَزِيْدُ لَهُ ذٰلِكَ إِلَّا بُغْضًا وَعَدَاوَةً
وَحَسَدًا، فَالطَّرِيْقُ أَلَّا تَشْتَغِلَ بِجَوَابِهِ، فَقَدْ قِيْلَ
كُلُّ الْعَدَاوَةِ
قَدْ تُرْجٰى إِزَالَتُهَا # إِلَّا عَدَاوَةَ مَنْ عَادَاكَ عَنْ حَسَدٍ
فَيَنْبَغِى أَنْ
تُعْرِضَ عَنْهُ وَتَتْرُكَهُ مَعَ مَرَضِهِ، قَالَ اللّٰهُ تَعَالٰى : فَأَعْرِضْ
عَمَّنْ تَوَلّٰى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، وَالْحَسُوْدُ
بِكُلِّ مَا يَقُوْلُ وَيَفْعَلُ يُوْقِدُ النَّارَ فِي زَرْعِ عَمَلِهِ، كَمَا قَالَ
النَّبِى عَلَيْهِ السَّلَامُ : الْحَسَدُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ
الْحَطَبَ
وَالثَّانِى أَنْ
تَكُوْنَ عِلَّتُهُ مِنَ الْحَمَاقَةِ وَهُوَ أَيْضًا لَا يَقْبَلُ الْعِلَاجَ، كَمَا
قَالَ عِيْسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنِّيْ مَا عَجَزْتُ عَنْ إِحْيَاءِ الْمَوْتٰى
وَقَدْ عَجَزْتُ عَنْ مُعَالَجَةِ الْأَحْمَقِ، وَذٰلِكَ رَجُلٌ يَشْتَغِلُ بِطَلَبِ
الْعِلْمِ زَمَنًا قَلِيْلًا وَيَتَعَلَّمُ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ
فَيَسْأَلُ وَيَعْتَرِضُ مِنْ حَمَاقَتِهِ عَلَى الْعَالِمِ الْكَبِيْرِ الَّذِيْ مَضَى
عُمْرُهُ فِى الْعُلُوْمِ الْعَقْلِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ، وَهٰذَا الْأَحْمَقُ لَا
يَعْلَمُ وَيَظُنُّ أَنَّ مَا أُشْكِلَ عَلَيْهِ هُوَ أَيْضًا مُشْكِلٌ عَلَى الْعَالِمِ
الْكَبِيْرِ، فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ هٰذَا الْقَدْرَ يَكُوْنُ سُؤَالُهُ مِنَ الْحَمَاقَةِ
فَيَنْبَغِى أَلَّا تَشْتَغِلَ بِجَوَابِهِ
وَالثَّالِثُ أَنْ
يَكُوْنَ مُسْتَرْشِدًا وَكُلُّ مَا لَا يَفْهَمُ مِنَ الْكَلَامِ الْأَكَابِرِ يُحْمَلُ
عَلٰى قُصُوْرِ فَهْمِهِ وَكَانَ سُؤَالُهُ لِلْإِسْتِفَادَةِ، لَكِنْ يَكُوْنُ بَلِيْدًا
لَا يُدْرِكُ الْحَقَائِقَ، فَلَا يَنْبَغِى الْإِشْتِغَالُ بِجَوَابِهِ أَيْضًا كَمَا
قَالَ رَسُوْلُ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ
أُمِرْنَا أَنْ نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلٰى قَدْرِ عُقُوْلِهِمْ
وَأَمَّا الْمَرَضُ
الَّذِيْ يَقْبَلُ الْعِلَاجَ فَهُوَ أَنْ يَكُوْنَ مُسْتَرْشِدًا عَاقِلًا فَهِمًا
لَا يَكُوْنُ مَغْلُوْبَ الْحَسَدِ وَالْغَضَبِ وَحُبِّ الشَّهْوَةِ وَالْجَاهِ وَالْمَالِ
وَيَكُوْنُ طَالِبَ الطَّرِيْقِ الْمُسْتَقِيْمِ وَلَمْ يَكُنْ سُؤَالُهُ وَاعْتِرَاضُهُ
عَنْ حَسَدٍ وَتَعَنُّتٍ وَامْتِحَانٍ، وَهٰذَا يَقْبَلُ الْعِلَاجَ فَيَجُوْزُ أَنْ
تَشْتَغِلَ بِجَوَابِ سُؤَالِهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْكَ إِجَابَتُهُ
وَالثَّانِي - مِمَّا
تَدَعُ هُوَ أَنْ تَحْذَرَ مِنْ أَنْ تَكُوْنَ وَاعِظًا وَمُذَكِّرًا لِأَنَّ فِيْهِ
آفَةً كَثِيْرَةً إِلَّا أَنْ تَعْمَلَ بِمَا تَقُوْلُ أَوَّلًا ثُمَّ تَعِظَ بِهِ
النَّاسَ، فَتَفَكَّرْ فِيْمَا قِيْلَ لِعِيْسٰى عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَا ابْنَ مَرْيَمَ
عِظْ نَفْسَكَ فَإِنِ اتَّعَظَتْ فَعِظِ النَّاسَ وَإِلَّا فَاسْتَحِ مِنْ رَبِّكَ
وَإِنِ ابْتُلِيْتَ
بِهٰذَا الْعَمَلِ فَاحْتَرِزْ عَنْ خَصْلَتَيْنِ
الْأُوْلٰى عَنِ
التَّكَلُّفِ فِى الْكَلَامِ بِالْعِبَارَاتِ وَالْإِشَارَاتِ وَالطَّامَّاتِ وَالْأَبْيَاتِ
وَالْأَشْعَارِ لِأَنَّ اللّٰهَ تَعَالٰى يُبْغِضُ الْمُتَكَلَّفِيْنَ، وَالْمُتَكَلِّفُ
الْمُتَجَاوِزُ عَنِ الْحَدِّ يَدُلُّ عَلٰى خَرَابِ الْبَاطِنِ وَغَفْلَةِ الْقَلْبِ،
وَمَعْنَى التَّذْكِيْرِ أَنْ يَذْكُرَ الْعَبْدُ نَارَ الْأٰخِرَةِ وَتَقْصِيْرَ نَفْسِهِ
فِيْ خِدْمَةِ الْخَالِقِ وَيَتَفَكَّرَ فِيْ عُمُرِهِ الْمَاضِى الَّذِيْ أَفْنَاهُ
فِيْمَا لَا يَعْنِيْهِ وَيَتَفَكَّرَ فِيْمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْعَقِبَاتِ مِنْ
عَدَمِ سَلَامَةِ الْإِيْمَانِ فِى الْخَاتِمَةِ وَكَيْفِيَّةِ حَالِهِ فِيْ قَبْضِ
مَلَكِ الْمَوْتِ وَهَلْ يَقْدِرُ عَلٰى جَوَابِ مُنْكَرٍ وَنَكِيْرٍ وَيَهْتَمَّ بِحَالِهِ
فِى الْقِيَامَةِ وَمَوَاقِفِهَا وَهَلْ يَعْبُرُ عَنِ الصِّرَاطِ سَالِمًا أَمْ يَقَعُ
فِي الهَاوِيَةِ، وَيَسْتَمِرُّ ذِكْرُ هٰذِهِ الْأَشْيَاءِ فِيْ قَلْبِهِ فَيُزْعِجُهُ
عَنْ قَرَارِهِ، فَغَلَيَانُ هٰذِهِ النِّيْرَانِ وَنَوْحَةُ هٰذِهِ الْمَصَائِبَ يُسَمَّى
تَذْكِيْرًا
وَإِعْلَامُ الْخَلْقِ
وَإِطْلَاعُهُمْ عَلٰى هٰذِهِ الْأَشْيَاءِ وَتَنْبِيْهُهُمْ عَلٰى تَقْصِيْرِهِمْ
وَتَفْرِيْطِهِمْ وَتَبْصِيْرِهِمْ بِعُيُوْبِ أَنْفُسِهِمْ لِتَمَسَّ حَرَارَةُ هٰذِهِ
النِّيْرَانِ أَهْلَ الْمَجْلِسِ وَتُجْزِعَهُمْ تِلْكَ الْمَصَائِبُ لِيَتَدَارَكُوْا
الْعُمُرَ الْمَاضِيَّ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ وَيَتَحَسَّرُوْا عَلَى الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ
فِيْ غَيْرِ طَاعَةِ اللّٰهِ تَعَالٰى، هٰذِهِ الْجُمْلَةُ عَلٰى هٰذَا الطَّرِيْقِ
تُسَمَّى وَعْظًا، كَمَا لَوْ رَأَيْتَ أَنَّ السَّيْلَ قَدْ هَجَمَ عَلٰى دَارِ أَحَدٍ،
وَكَانَ هُوَ وَأَهْلُهُ فِيْهَا، فَتَقُوْلُ : الْحَذَرَ الْحَذَرَ فِرُّوْا مِنَ
السَّيْلِ، وَهَلْ يَشْتَهِى قَلْبُكَ فِيْ هٰذِهِ الْحَالَةِ أَنْ تُخْبِرَ صَاحِبَ
الدَّارِ خَبَرَكَ بِتَكَلُّفِ الْعِبَارَاتِ النُّكَتِ وَالْإِشَارَاتِ فَلَا تَشْتَهِى
البَتَّةَ، فَكَذٰلِكَ حَالُ الْوَاعِظِ فَيَنْبَغِى أَنْ يَجْتَنِبَهَا
وَالْخَصْلَةُ الثَّانِيَةُ
أَلَّا تَكُوْنَ هِمَّتُكَ فِيْ وَعْظِكَ أَنْ يَنْعَرَ الْخَلْقُ فِيْ مَجْلِسِكَ
أَوْ يُظْهِرُوْا الْوَجْدَ وَيَشُقُّوا الثِّيَابَ لِيُقَالَ : نِعْمَ الْمَجْلِسُ
هٰذَا، لِأَنَّ كُلَّهُ مَيْلٌ لِلدُّنْيَا وَهُوَ يَتَوَلَّدُ مِنَ الْغَفْلَةِ بَلْ
يَنْبَغِى أَنْ يَكُوْنَ عَزْمُكَ وَهِمَّتُكَ أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ مِنَ الدُّنْيَا
إِلَى الْأٰخِرَةِ وَمِنَ الْمَعْصِيَةِ إِلَى الطَّاعَةِ وَمِنَ الْحِرْصِ إِلَى الزُّهْدِ وَمِنَ الْبُخْلِ إِلَى السَّخَاءِ وَمِنَ الشَّكِّ
إِلَى الْيَقِيْنِ وَمِنَ الْغَفْلَةِ إِلَى الْيَقْظَةِ وَمِنَ الْغُرُوْرِ إِلَى
التَّقْوٰى، وَتُحَبِّبَ إِلَيْهِمُ الْأٰخِرَةَ وَتُبَغِّضَ إِلَيْهِمُ الدُّنْيَا
وَتُعَلِّمَهُمْ عِلْمَ الْعِبَادَةِ وَالزُّهْدِ وَلَا تُغِرَّهُمْ بِكَرَمِ اللّٰهِ
تَعَالٰى عَزَّ وَجَلَّ وَرَحْمَتِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيْ طِبَاعِهِمْ الزَّيْغُ
عَنْ مَنْهَجِ الشَّرْعِ وَالسَّعْيُ فِيْمَا لَا يَرْضَى اللّٰهُ تَعَالٰى بِهِ وَالْإِسْتِعْثَارُ
بِالْأَخْلَاقِ الرَّدِيَّةِ، فَأَلْقِ فِيْ قُلُوْبِهِمْ الرُّعْبَ وَرَوِّعْهُمْ
وَحَذِّرْهُمْ عَمَّا يَسْتَقْبِلُوْنَ مِنَ الْمَخَاوِفِ وَلَعَلَّ صَفَاتِ بَاطِنِهِمْ
تَتَغَيَّرُ وَمُعَامَلَةَ ظَاهِرِهِمْ تَتَبَدَّلُ وَيَتَظَهَّرُوا الْحِرْصَ وَالرُّغْبَةَ
فِى الطَّاعَةِ وَالرُّجُوْعِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ
وَهٰذَا طَرِيْقُ
الْوَعْظِ وَالنَّصِيْحَةِ وَكُلُّ وَعْظٍ لَا يَكُوْنُ هٰكَذَا فَهُوَ وَبَالٌ عَلٰى
مَنْ قَالَ وَسَمِعَ بَلْ قِيْلَ : إِنَّهُ غَوْلٌ وَشَيْطَانٌ يَذْهَبُ بِالْخَلْقِ
عَنِ الطَّرِيْقِ وَيُهْلِكُهُمْ، فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفِرُّوْا مِنْهُ لِأَنَّ
مَا يُفْسِدُ هٰذَا القَائِلُ مِنْ دِيْنِهِمْ لَا يَسْتَطِيْعُ بِمِثْلِهِ الشَّيْطَانُ،
وَمَنْ كَانَتْ لَهُ يَدٌ وَقُدْرَةٌ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْزِلَهُ عَنْ مَنَابِرِ
الْمَوَاعِظِ وَيَمْنَعَهُ عَمَّا بَاشَرَ فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوْفِ
وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَالثَّالِثُ - مِمَّا
تَدَعُ أَلَّا تُخَالِطَ الْأُمَرَاءَ وَالسَّلَاطِيْنَ وَلَا تَرَاهُمْ لِأَنَّ رُؤْيَتَهُمْ
وَمُجَالَسَتَهُمْ وَمُخَالَطَتَهُمْ أٓفَةٌ عَظِيْمَةٌ، وَلَوْ ابْتُلِيْتَ بِهَا
دَعْ عَنْكَ مَدْحَهُمْ وَثَنَاءَهُمْ لِأَنَّ اللّٰهَ تَعَالٰى يَغْضَبُ إِذَا مُدِحَ
الْفَاسِقُ وَالظَّالِمُ، وَمَنْ دَعَا لِطُوْلِ بَقَائِهِمْ فَقَدْ أَحَبَّ أَنْ يُعْصَى
اللّٰهُ فِيْ أَرْضِهِ
وَالرَّابِعُ - مِمَّا
تَدَعُ أَلَّا تَقْبَلَ شَيْئًا مِنْ عَطَاءِ الْأُمَرَاءِ وَهَدَايَاهُمْ وَإِنْ عَلِمْتَ
أَنَّهَا مِنْ الْحَلَالِ لِأَنَّ الطَّمَعَ مِنْهُمْ يُفْسِدُ الدِّيْنَ، لِأَنَّهُ
يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الْمُدَاهَنَةُ وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِمْ وَالْمُوَافَقَةُ فِيْ
ظُلْمِهِمْ، وَهٰذَا كُلُّهُ فَسَادٌ فِى الدِّيْنِ، وَأَقَلُّ مَضَرَّتِهِ أَنَّكَ
إِذَا قَبِلْتَ عَطَايَاهُمْ وَانْتَفَعْتَ مِنْ دُنْيَاهُمْ أَحْبَبْتَهُمْ وَمَنْ
أَحَبَّ أَحَدًا يُحِبُّ طُوْلَ عُمُرِهِ وَبَقَائِهِ بِالضَّرُوْرَةِ وَفِيْ مَحَبَّةِ
بَقَاءِ الظَّالِمِ إِرَادَةٌ فِى الظُّلْمِ عَلٰى عِبَادِ اللّٰهِ تَعَالٰى وَإِرَادَةُ
خَرَابِ الْعَالَمِ، فَأَيُّ شَيْءٍ يَكُوْنُ أَضَرَّ مِنْ هَذَا لِلدِّيْنِ وَالْعَاقِبَةِ
؟ وَإِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ يَخْدَعَكَ اِسْتِهْوَاءُ الشَّيَاطِيْنِ أَوْ قَوْلُ بَعْضِ
النَّاسِ لَكَ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ وَالْأَوْلٰى أَنْ تَأْخُذَ الدِّيْنَارَ وَالدِّرْهَمَ
مِنْهُمْ وَتُفَرِّقَهُمَا بَيْنَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِيْنِ فَإِنَّهُمْ يُنْفِقُوْنَ
فِى الْفِسْقِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَإِنْفَاقُكَ عَلٰى ضُعَفَاءِ النَّاسِ خَيْرٌ مِنْ
إِنْفَاقِهِمْ، فَإِنَّ اللَّعِيْنَ قَدْ قَطَعَ أَعْنَاقَ كَثِيْرٍ مِنَ النَّاسِ
بِهٰذِهِ الْوَسْوَسَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيْ إِحْيَاءِ الْعُلُوْمِ فَاطْلُبْهُ
ثَمَّةَ
وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ
الَّتِيْ يَنْبَغِى لَكَ أَنْ تَفْعَلَهَا
Nasehat Keduapuluhdua: Jangan Engkau Banyak Bertanya,Tapi Hendaklah Banyak Beramal
بسم الله الرّحمن الرّحيم
أَيُّهَا الْوَلَدُ،
وَالْبَاقِى مِنْ مَسَائِلِكَ بَعْضُهَا مَسْطُوْرٌ فِيْ مُصَنَّفَاتِيْ فَاطْلُبْهُ
ثَمَّةَ وَكِتَابَةُ بَعْضِهَا حَرَامٌ، إِعْمَلْ أَنْتَ بِمَا تَعْلَمُ لِيَنْكَشِفَ
لَكَ مَا لَمْ تَعْلَمْ
أَيُّهَا الْوَلَدُ،
بَعْدَ الْيَوْمِ لَا تَسْأَلْنِيْ مَا أُشْكِلَ عَلَيْكَ إِلَّا بِلِسَانِ الْجَنَانِ
لِقَوْلِهِ تَعَالٰى : وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوْا حَتّٰى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ
خَيْرًا لَّهُمْ، وَاقْبَلْ نَصِيْحَةَ الْخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِيْنَ قَالَ
: فَلَا تَسْأَلْنِيْ عَنْ شَيْءٍ حَتّٰى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا، وَلَا تَسْتَعْجِلْ
حَتّٰى تَبْلُغَ أَوَانَهُ فَيَنْكَشِفَ لَكَ وَتَرَاهُ : سَأُرِيْكُمْ آيَاتِيْ فَلَا
تَسْتَعْجِلُوْنَ، فَلَا تَسْأَلْنِيْ قَبْلَ الْوَقْتِ وَتَيَقَّنْ أَنَّكَ لَا تَصِلُ
إِلَّا بِالسَّيْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالٰى : أَوَلَمْ يَسِيْرُوْا فِى الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوْا
أَيُّهَا الْوَلَدُ،
بِاللّٰهِ إِنْ تَسِرْ تَرَ الْعَجَائِبَ فِيْ كُلِّ مَنْزِلٍ وَابْذُلْ رُوْحَكَ فَإِنَّ
رَأْسَ هٰذَا الْأَمْرِ بَذْلُ الرُّوْحِ كَمَا قَالَ ذُو النُّوْنِ الْمِصْرِى رَحِمَهُ
اللّٰهُ تَعَالٰى لِأَحَدِ تَلَامِذَتِهِ : إِنْ قَدَرْتَ عَلٰى بَذْلِ الرُّوْحِ فَتَعَالَ
وَإِلَّا فَلَا تَشْتَغِلْ بِتُرَّهَاتِ الصُّوْفِيَّةِ
Nasehat Keduapuluhsatu: Hakikat Riya'
بسم الله الرّحمن الرّحيم
وَاعْلَمْ أَنَّ
الرِّيَاءَ يَتَوَلَّدُ مِنْ تَعْظِيْمِ الخَلْقِ وَعِلَاجُهُ أَنْ تَرَاهُمْ مُسَخَّرِيْنَ
تَحْتَ القُدْرَةِ وَتَحْسَبَهُمْ كَالْجَمَادَاتِ فِيْ عَدَمِ قُدْرَةِ إِيْصَالِ
الرَّاحَةِ وَالْمَشَقَّةِ لِتَخْلُصَ مِنْ مُرَاءَاتِهِمْ وَمَتَى تَحْسَبُهُمْ ذَوِى
قُدْرَةٍ وَإِرَادَةٍ لَنْ يَبْعُدَ عَنْكَ الرِّيَاءُ
Nasehat Keduapuluh: Hakikat Ikhlas
بسم الله الرّحمن الرّحيم
وَسَأَلْتَنِيْ عَنِ
الْإِخْلَاصِ وَهُوَ أَنْ تَكُوْنَ أَعْمَالُكَ كُلُّهَا لِلّٰهِ تَعَالٰى وَلَا يَرْتَاحَ
قَلْبُكَ بِمَحَامِدِ النَّاسِ وَلَا تُبَالِيَ بِمَذَمَّتِهِمْ،
Nasehat Kesembilanbelas: Hakikat Tawakkal
بسم الله الرّحمن الرّحيم
وَسَأَلْتَنِيْ عَنِ
التَّوَكُّلِ وَهُوَ أَنْ تَسْتَحْكِمَ اعْتِقَادَكَ بِاللّٰهِ تَعَالٰى فِيْمَا وَعَدَ،
يَعْنِى تَعْتَقِدُ أَنَّ مَا قُدِّرَ لَكَ سَيَصِلُ إِلَيْكَ لَا مَحَالَةَ وَإِنِ
اجْتَهَدَ كُلُّ مَنْ فِى الْعَالَمِ عَلٰى صَرْفِهِ عَنْكَ، وَمَا لَمْ يُكْتَبْ لَنْ
يَصِلَ إِلَيْكَ وَإِنْ سَاعَدَكَ جَمِيْعُ الْعَالَمِ
Nasehat Kedelapanbelas: Hakikat 'Ubudiyah
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ثُمَّ إِنَّكَ سَأَلْتَنِيْ
عَنِ الْعُبُوْدِيَّةِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ : أَحَدُهَا مُحَافَظَةُ أَمْرِ
الشَّرْعِ وَثَانِيْهَا الرِّضَاءُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَقِسْمَةِ اللّٰهِ تَعَالٰى
وَثَالِثُهَا تَرْكُ رِضَاءِ نَفْسِكَ فِيْ طَلَبِ رِضَاءِ اللّٰهِ تَعَالٰى
Nasehat Ketujuhbelas: Intisari limu Tasawuf
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ
التَّصَوُّفَ لَهُ خَصْلَتَانِ : الْإِسْتِقَامَةُ مَعَ اللّٰهِ تَعَالٰى وَالسُّكُوْنُ
عَنِ الخَلْقِ، فَمَنْ اسْتَقَامَ مَعَ اللّٰهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَحْسَنَ خُلُقَهُ
مَعَ النَّاسِ وَعَامَلَهُمْ بِالْحِلْمِ فَهُوَ صُوْفِيٌّ، وَالْإِسْتِقَامَةُ أَنْ
يَفْدِيَ حَظَّ نَفْسِهِ عَلٰى أَمْرِ اللّٰهِ تَعَالٰى، وَحُسْنُ الْخُلُقِ مَعَ النَّاسِ
أَنْ لَا تَحْمِلَ النَّاسَ عَلٰى مُرَادِ نَفْسِكَ بَلْ تَحْمِلَ نَفْسَكَ عَلٰى مُرَادِهِمْ
مَا لَمْ يُخَالِفُوْا الشَّرْعَ
Nasehat Keenambelas: Carilah Guru Yang Mursyid
بسم الله الرّحمن الرّحيم
أَيُّهَا الْوَلَدُ،
قَدْ عَلِمْتَ مِنْ هَاتَيْنِ الْحِكَايَتَيْنِ لَا تَحْتَاجُ إِلٰى تَكْثِيْرِ الْعِلْمِ
وَالْأٓنَ أُبَيِّنُ لَكَ مَا يَجِبُ عَلٰى سَالِكِ سَبِيْلِ الْحَقِّ
إِعْلَمْ أَنَّهُ
يَنْبَغِى لِلسَّالِكِ شَيْخٌ مُرْشِدٌ مُرَبٍّ لِيُخْرِجَ الْأَخْلَاقَ السَّيِّئَةَ
مِنْهُ بِتَرْبِيَتِهِ وَيَجْعَلَ مَكَانَهَا خُلُقًا حَسَنًا، وَمَعْنَى التَّرْبِيَةِ
يُشْبِهُ فِعْلَ الْفَلَّاحِ الَّذِيْ يَقْلُعُ الشَّوْكَ وَيُخْرِجُ النَّبَاتَاتِ
الْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ بَيْنِ الزَّرْعِ لِيَحْسُنَ نَبَاتُهُ وَيَكْمُلَ رَيْعُهُ
وَلَا بُدَ لِلسَّالِكِ
مِنْ شَيْخٍ يُؤَدِّبُهُ وَيُرْشِدُهُ إِلٰى سَبِيْلْ اللّٰهِ تَعَالٰى لِأَنَّ اللّٰهَ
أَرْسَلَ لِلْعِبَادِ رَسُوْلًا لِلْإِرْشَادِ إِلٰى سَبِيْلِهِ، فَإِذَا ارْتَحَلَ
صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ خَلَّفَ الْخُلَفَاءَ فِيْ مَكَانِهِ حَتّٰى
يُرْشِدُوْا إِلَى اللّٰهِ تَعَالٰى، وَشَرْطُ الشَّيْخِ الَّذِيْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُوْنَ
نَائِبًا لِرَسُوْلِ اللّٰهِ صَلَوَاتُ اللّٰهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُوْنَ
عَالِمًا وَلٰكِنْ لَا كُلُّ عَالِمٍ يَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ
وَإِنِّيْ أُبَيِّنُ
لَكَ بَعْضَ عَلَامَاتِهِ عَلٰى سَبِيْلِ الْإِجْمَالِ حَتّٰى لَا يَدَّعِيَ كُلُّ
أَحَدٍ أَنَّهُ مُرْشِدٌ، فَنَقُوْلُ مَنْ يُعْرِضُ عَنْ حُبِّ الدُّنْيَا وَحُبِّ
الْجَاهِ وَكَانَ قَدْ تَابَعَ لِشَخْصٍ بَصِيْرٍ تَتَسَلْسَلُ مُتَابِعَتُهُ إِلٰى
سَيِّدِ الْمُرْسَلِيْنَ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مُحْسِنًا رَيَاضَةَ
نَفْسِهِ بِقِلَّةِ الْأَكْلِ وَالْقَوْلِ وَالنَّوْمِ وَكَثْرَةِ الصَّلَوَاتِ وَالصَّدَقَةِ
وَالصَّوْمِ، وَكَانَ بِمُتَابِعَتِهِ ذٰلِكَ الشَّيْخَ الْبَصِيْرَ جَاعِلًا مُحَاسِنَ
الْأَخْلَاقِ لَهُ سِيْرَةً كَالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَالشُّكْرِ وَالتَّوَكُّلِ وَالْيَقِيْنِ
وَالْقَنَاعَةِ وَطُمَأْنِيْنَةِ النَّفْسِ وَالْحِلْمِ وَالتَّوَاضُعِ وَالْعِلْمِ
وَالصِّدْقِ وَالْحَيَاءِ وَالْوَفَاءِ وَالْوَقَارِ وَالسُّكُوْنِ وَالتَّأَنِّى وَأَمْثَالِهَا،
فَهُوَ إذًا نُوْرٌ مِنْ أَنْوَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْلُحُ
لِلْإِقْتِدَاءِ بِهِ
- Guru itu adalah orang yang berpaling dari kecintaan pada dunia dan kecintaan pada kedudukan dunia.
- Guru itu mengikuti seseorang yang bashirah (memiliki mata hati) yang pengikutnya merantai sambung sampai Baginda Para Rasul, Nabi Muhammad SAW.
- Guru itu adalah orang yang memperbaiki diri dalam melatih nafsunya dengan sedikit makan, sedikit perkataannya, sedikit tidur, banyak melaksanakan sholat, banyak bershodaqoh, dan banyak berpuasa.
وَلٰكِنَّ وُجُوْدَ
مِثْلِهِ نَادِرٌ أَعَزُّ مِنَ الْكَبْرِيْتِ الْأَحْمَرِ، وَمَنْ سَاعَدَتْهُ السَّعَادَةُ
فَوَجَدَ شَيْخًا كَمَا ذَكَرْنَا وَقَبِلَهُ الشَّيْخُ يَنْبَغِى أَنْ يَحْتَرِمَهُ
ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
أَمَّا احْتِرَامُ
الظَّاهِرِ فَهُوَ أَنْ لَا يُجَادِلَهُ وَلَا يَشْتَغِلُ بِالْإِحْتِجَاجِ مَعَهُ
فِيْ كُلِّ مَسْأَلَةٍ وَإِنْ عَلِمَ خَطَأَهُ، وَلَا يُلْقِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَجَادَتَهُ
إِلَّا وَقْتَ أَدَاءِ الصَّلَاةِ فَإِذَا فَرَغَ يَرْفَعُهَا، وَلَا يُكْثِرَ نَوَافِلَ
الصَّلَاِة بِحَضْرَتِهِ، وَيَعْمَلَ مَا يَأْمُرُهُ الشَّيْخُ مِنَ الْعَمَلِ بِقَدْرِ
وُسْعِهِ وَطَاقَتِهِ
- Tidak mendebatnya dan tidak tersibukkan dengan memprotesnya dalam setiap masalah meskipun ia mengetahui kesalahan guru itu
- Tidak membeber sajadahnya di hadapan guru itu kecuali pada waktu melaksanakan sholat lalu tatkala ia sudah selesai sholat maka ia boleh mengangkat sajadahnya
- Tidak memperbanyak melakukan sholat-shola sunnah di hadapan guru itu
- Dan melakukan apapun pekerjaan yang telah diperintah oleh guru itu semampu dan sekuatnya
وَأَمَّا احْتِرَامُ
الْبَاطِنِ فَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَا يَسْمَعُ وَيَقْبَلُ مِنْهُ فِى الظَّاهِرِ لَا
يُنْكِرُهُ فِى الْبَاطِنِ لَا فِعْلًا وَلَا قَوْلًا لِئَلَّا يَتَّسِمَ بِالنِّفَاقِ
وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ يَتْرُكْ صُحْبَتَهُ إِلٰى أَنْ يُوَافِقَ بَاطِنُهُ ظَاهِرَهُ،
وَيَحْتَرَزُ عَنْ مُجَالَسَةِ صَاحِبِ السُّوْءِ لِيَقْصُرَ وِلَايَةُ شَيَاطِيْنَ
الْجِنِّ وَالْإِنْسِ عَنْ صَحْنِ قَلْبِهِ فَيُصَفَّى مِنْ لَوْثِ الشَّيْطَنَةِ وَعَلٰى
كُلِّ حَالٍ يَخْتَارُ الْفَقْرَ عَلَى الْغِنٰى
- Setiap apapun yang ia dengar dan ia terima dari guru itu secara dhahir maka tidak mengingkarinya secara batin, tidak mengingkari perbuatan dan juga ucapan, agar guru itu tidak menyebutnya sebagai munafik. Jika ia tidak mampu, maka tinggalkan menemani guru itu sampai batinnya (batinnya si murid) berkesesuaiaan dengan dhahirnya.
- Menjaga dari berteman dengan orang yang memiliki prilaku buruk agar dapat mempersempit wilayah kekuasaan syetan dari golongan jin dan manusia di piringan hatinya, maka hatinya menjadi bersih dari kotoran yang bersifat syaitaniyyah.
- Dan ia memilih fakir daripada kaya pada setiap keadaan.
Nasehat Kelimabelas: Delapan Wasiat imam Hatim al-Asham ra
بسم الله الرّحمن الرّحيم
وَذٰلِكَ أنَّ حَاتِمًا
الْأَصَمَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّقِيْقِ الْبَلْخِى رَحْمَةُ اللّٰهُ عَلَيْهِمَا
فَسَأَلَهُ يَوْمًا، قَالَ صَاحَبَتْنِيْ مُنْذُ ثَلَاثِيْنَ سَنَةً مَا حَصَّلْتَ
فِيْهَا ؟ قَالَ حَصَّلْتُ ثَمَانِيَ فَوَائِدَ مِنَ الْعِلْمِ، وَهِيَ تَكْفِيْنِيْ
مِنْهُ لِأَنِّيْ أَرْجُوْ خَلَاصِيْ وَنَجَاتِيْ فِيْهَا، فَقَالَ الشَّقِيْقُ مَا
هِيَ ؟ قَالَ حَاتِمُ الْأَصَمُّ
الْفَائِدَةُ الْأُوْلٰى
- أَنِّيْ نَظَرْتُ إِلَى الْخَلْقِ فَرَأَيْتُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مَحْبُوْبًا وَمَعْشُوْقًا
يُحِبُّهُ وَيَعْشُقُهُ، وَبَعْضُ ذٰلِكَ الْمَحْبُوْبِ يُصَاحِبُهُ إِلٰى مَرَضِ الْمَوْتِ
وَبَعْضُهُ إِلٰى شَفِيْرِ الْقَبْرِ ثُمَّ يَرْجِعُ كُلُّهُ وَيَتْرُكُهُ فَرِيْدًا
وَحِيْدًا وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ فِيْ قَبْرِهِ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَتَفَكَّرْتُ وَقُلْتُ
: أَفْضَلُ مَحْبُوْبِ الْمَرْءِ مَا يَدْخُلُ فِيْ قَبْرِهِ وَيُؤَانِسُهُ فِيْهِ
فَمَا وَجَدْتُهُ غَيْرَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَأَخَذْتُهَا مَحْبُوْبًا لِيْ
لِتَكُوْنَ سِرَاجًا لِيْ فِيْ قَبْرِيْ وَتُؤَانِسَنِيْ فِيْهِ وَلَا تَتْرُكَنِيْ
فَرِيْدًا
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ
- أَنِّيْ رَأَيْتُ الْخَلْقَ يَقْتَدُوْنَ بِأَهْوَائِهِمْ وَيُبَادِرُوْنَ إِلٰى
مُرَادَاتِ أَنْفُسِهِمْ، فَتَأَمَّلْتُ قَوْلَهُ تَعَالٰى : وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ
رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوٰى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوٰى، وَتَيَقَّنْتُ
أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ صَادِقٌ فَبَادَرْتُ إِلٰى خِلَافِ نَفْسِيْ وَتَشَمَّرْتُ
لِمُجَاهَدَتِهَا وَمَنْعِهَا عَنْ هَوَاهَا حَتّٰى ارْتَاضَتْ لِطَاعَةِ اللّٰهِ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالٰى وَانْقَادَتْ
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ
- أَنِّيْ رَأَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ يَسْعٰى فِيْ جَمْعِ حُطَامِ الدُّنْيَا
ثُمَّ يُمْسِكُهُ قَابِضًا يَدَهُ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْتُ فِيْ قَوْلِهِ تَعَالٰى
: مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللّٰهِ بَاقٍ، فَبَذَلْتُ مَحْصُوْلِيْ مِنَ
الدُّنْيَا لِوَجْهِ اللّٰهِ تَعَالٰى فَفَرَّقْتُهُ بَيْنَ الْمَسَاكِيْنَ لِيَكُوْنَ
ذُخْرًا لِيْ عِنْدَ اللّٰهِ تَعَالٰى
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ
- أَنِّيْ رَأَيْتُ بَعْضَ الْخَلْقِ ظَنَّ شَرَفَهُ وَعِزَّهُ فِيْ كَثْرَةِ الْأَقْوَامِ
وَالْعَشَائِرِ فَاغْتَرَّ بِهِمْ، وَزَعَمَ أٰخَرُوْنَ أَنَّهُ فِيْ ثَرْوَةِ الْأَمْوَالِ
وَكَثْرَةِ الْأَوْلَادِ فَافْتَخَرُوْا بِهَا، وَحَسِبَ بَعْضُهُمُ الشَّرَفَ وَالْعِزَّ
فِيْ غَصْبِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَظُلْمِهِمْ وَسَفْكِ دِمَائِهِمْ، وَاعْتَقَدَتْ
طَائِفَةٌ أَنَّهُ فِيْ إِتْلَافِ الْمَالِ وَإِسْرَافِهِ وَتَبْذِيْرِهِ، وَتَأَمَّلْتُ
فِيْ قَوْلِهِ تَعَالٰى : إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّٰهْ أَتْقَاكُمْ، فَاخْتَرْتُ
التَّقْوٰى وَاعْتَقَدْتُ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ صَادِقٌ وَظَنَّهُمْ وَحِسْبَانَهُمْ
كُلَّهَا بَاطِلٌ زَائِلٌ
اْلفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ
- أَنِّيْ رَأَيْتُ النَّاسَ يَذُمُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَغْتَابُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا
فَوَجَدْتُ ذٰلِكَ مِنَ الْحَسَدِ فِى الْمَالِ وَالْجَاهِ وَالْعِلْمِ، فَتَأَمَّلْتُ
فِيْ قَوْلِهِ تَعَالٰى : نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيْشَتَهُمْ فِى الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا، فَعَلِمْتُ أَنَّ الْقِسْمَةَ كَانَتْ مِنَ اللّٰهِ تَعَالٰى فِى الْأَزَلِ
فَمَا حَسَدْتُ أَحَدًا بِقِسْمَةِ اللّٰهِ تَعَالٰى
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ
- أَنِّيْ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعَادِى بَعْضُهُمْ بَعْضًا لِغَرَضٍ وَسَبَبٍ فَتَأَمَّلْتُ
قَوْلَهُ تَعَالٰى : إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوْهُ عَدُوًّا، فَعَلِمْتُ
أَنَّهُ لَا تَجُوْزُ عَدَاوَةُ أَحَدٍ غَيْرِ الشَّيْطَانِ
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ
- أَنِّيْ رَأَيْتُ كُلَّ أَحَدٍ يَسْعٰى بِجِدٍّ وَيَجْتَهِدُ بِمُبَالَغَةٍ لِطَلَبِ
الْقُوْتِ وَالْمَعَاشِ بِحَيْثُ يَقَعُ بِهِ فِيْ شُبْهَةٍ وَحَرَامٍ وَيُذِلُّ نَفْسَهُ
وَيَنْقُصُ قَدْرَهُ، فَتَأَمَّلْتُ فِيْ قَوْلِهِ تَعَالٰى : وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ
فِى الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللّٰهِ رِزْقُهَا، فَعَلِمْتُ أَنَّ رِزْقِيْ عَلَى اللّٰهِ
تَعَالٰى وَقَدْ ضَمِنَهُ فَاشْتَغَلْتُ بِعِبَادَتِهِ وَقَطَعْتُ طَمَعِيْ عَمَّنْ
سِوَاهُ
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ
- أَنِّيْ رَأَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مُعْتَمِدًا عَلٰى شَيْءٍ مَخْلُوْقٍ بَعْضُهُمْ
إِلَى الدِّيْنَارِ وَالدِّرْهَمِ وَبَعْضُهُمْ إِلَى الْمَالِ وَالْمُلْكِ وَبَعْضُهُمْ
إِلَى الْحِرْفَةِ وَالصَّنَاعَةِ وَبَعْضُهُمْ إِلَى مَخْلُوْقٍ مِثْلِهِ، فَتَأَمَّلْتُ
فِيْ قَوْلِهِ تَعَالٰى : وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلٰى اللّٰهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ
اللّٰهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللّٰهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا، فَتَوَكَّلْتُ
عَلَى اللّٰهِ فَهُوَ حَسْبِيْ وَنِعْمَ الْوَكِيْلُ
فَقَالَ شَقِيْقٌ
: وَفَّقَكَ اللّٰهُ تَعَالٰى إِنِّيْ قَدْ نَظَرْتُ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيْلَ
وَالزَّبُوْرَ وَالْفُرْقَانَ فَوَجَدْتُ الْكُتُبَ الْأَرْبَعَةَ تَدُوْرُ عَلٰى هٰذِهِ
الْفَوَائِدِ الثَّمَانِيَّةِ فَمَنْ عَمِلَ بِهَا كَانَ عَامِلًا بِهٰذِهِ الْكُتُبِ
الْأَرْبَعَةِ
Nasehat Keempatbelas: Wasiat Imam Asy-SyibIi ra
بسم الله الرّحمن الرّحيم
حُكِيَ أَنَّ الشِّبْلِى
رَحِمَهُ اللّٰهُ خَدَمَ أَرْبَعَمِائَةِ أُسْتَاذٍ وَقَالَ قَرَأْتُ أَرْبَعَةَ أٓلَافِ
حَدِيْثٍ ثُمَّ اخْتَرْتُ مِنْهَا حَدِيْثًا وَاحِدًا وَعَمِلْتُ بِهِ وَخَلَّيْتُ
مَا سِوَاهُ لِأَنِّيْ تَأَمَّلْتُهُ فَوَجَدْتُ خَلَاصِيْ وَنَجَاتِيْ فِيْهِ وَكَانَ
عِلْمُ الْأَوَّلِيْنَ وَالْأٰخِرِيْنَ كُلُّهُ مُنْدَرِجًا فِيْهِ فَاكْتَفَيْتُ بِهِ،
وَذٰلِكَ أَنَّ رَسُوْلَ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبَعْضِ
أَصْحَابِهِ : إِعْمَلْ لِدُنْيَاكَ بِقَدْرِ مُقَامِكَ فِيْهَا وَاعْمَلْ لِأٰخِرَتِكَ
بِقَدْرِ بَقَائِكَ فِيْهَا وَاعْمَلْ لِلّٰهِ بِقَدْرِ حَاجَتِكَ إِلَيْهِ وَاعْمَلْ
لِلنَّارِ بِقَدْرِ صَبْرِكَ عَلَيْهَا
أَيُّهَا الْوَلَدُ، إِذَا عَلِمْتَ هٰذَا الْحَدِيْثَ لَا حَاجَةَ إِلَى الْعِلْمِ الْكَثِيْرِ وَتَأَمَّلْ فِيْ حِكَايَاتٍ أُخْرٰى،
Nasehat Ketigabelas: Empat Sifat Kesempurnaan Bagi Orang Yang Salik
بسم الله الرّحمن الرّحيم
أَيُّهَا الْوَلَدُ،
بَعْضُ مَسَائِلِكَ مِنْ هٰذَا الْقَبِيْلِ وَأَمَّا الْبَعْضُ الَّذِيْ يَسْتَقِيْمُ
لَهُ الْجَوَابُ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيْ إِحْيَاءِ الْعُلُوْمِ وَغَيْرِهِ وَنَذْكُرُهَا
هُنَا نُبَذًا مِنْهُ وَنُشِيْرُ إِلَيْهِ، فَنَقُوْلُ : قَدْ وَجَبَ عَلَى السَّالِكِ
أَرْبَعَةُ أُمُوْرٍ
الْأَمْرُ الْأوَّلُ
اعْتِقَادٌ صَحِيْحٌ لَا يَكُوْنُ فِيْهِ بِدْعَةٌ
وَالثَّانِى تَوْبَةٌ
نَصُوْحٌ لَا يَرْجِعُ بَعْدَهَا إِلَى الزَّلَّةِ
وَالثَّالِثُ اسْتِرْضَاءُ
الْخُصُوْمِ حَتّٰى لَا يَبْقٰى لِأَحَدٍ عَلَيْكَ حَقٌّ
وَالرَّابِعُ تَحْصِيْلُ
عِلْمِ الشَّرِيْعَةِ قَدْرَ مَا تُؤَدِّى بِهِ أَوَامِرَ اللّٰهِ تَعَالٰى ثُمَّ مِنَ
الْعُلُوْمِ الْأُخْرٰى مَا تَكُوْنُ بِهِ النَّجَاةُ
Nasehat Keduabelas: Setelah Mengamalkan limu Barulah Engkau Mengetahui Hakikatnya
بسم الله الرّحمن الرّحيم
وَاعْلَمْ أَنَّ
بَعْضَ مَسَائِلِكَ الَّتِيْ سَأَلْتَنِيْ عَنْهَا لَا يَسْتَقِيْمُ جَوَابُهَا بِالْكِتَابَةِ
وَالْقَوْلِ، إِنْ تَبْلُغْ تِلْكَ الْحَالَةَ تَعْرِفْ مَا هِيَ وَإِلَّا فَعِلْمُهَا
مِنَ الْمُسْتَحِيْلَاتِ لِأَنَّهَا ذَوْقِيَّةٌ، وَكُلُّ مَا يَكُوْنُ ذَوْقِيًّا
لَا يَسْتَقِيْمُ وَصْفُهُ بِالْقَوْلِ كَحَلَاوَةِ الْحُلْوِ وَمِرَارَةِ الْمُرِّ
لَا تُعْرَفُ إِلَّا بِالذُّوْقِ، كَمَا حُكِيَ أَنَّ عِنِّيْنًا كَتَبَ إِلٰى صَاحِبٍ
لَهُ أَنْ عَرِّفْنِيْ لَذَّةَ الْمُجَامَعَةِ كَيْفَ تَكُوْنُ فَكَتَبَ لَهُ جَوَابَهُ
يَا فُلَانُ إِنِّيْ كُنْتُ حَسَبْتُكَ عِنِّيْنًا فَقَطْ، وَالْأٓنَ عَرَفْتُ أَنَّكَ
عِنِّيْنٌ وَأَحْمَقُ، لِأَنَّ هٰذِهِ اللَّذَّةَ ذَوْقِيَّةٌ إِنْ تَصِلْ إِلَيْهَا
تَعْرِفُ وَإِلَّا لَا يَسْتَقِيْمُ وَصْفُهَا بِالْقَوْلِ وَالْكِتَابَةِ
Nasehat Kesebelas: Ibadahmu Hendaklah Mengikuti Hukum Syariat
بسم الله الرّحمن الرّحيم
أَيُّهَا الْوَلَدُ،
خُلَاصَةُ الْعِلْمِ أَنْ تَعْلَمَ الطَّاعَةَ وَالْعِبَادَةَ مَا هِيَ، إِعْلَمْ أَنَّ
الطَّاعَةَ وَالْعِبَادَةَ مُتَابِعَةُ الشَّارِعِ فِى الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِى
بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، يَعْنِى كُلَّ مَا تَقُوْلُ وَتَفْعَلُ وَتَتْرُكُ يَكُوْنُ
بِاقْتِدَاءِ الشَّرْعِ كَمَا لَوْ صُمْتَ يَوْمَ الْعِيْدِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيْكِ
تَكُوْنُ عَاصِيًا أَوْ صَلَّيْتَ فِيْ ثَوْبٍ مَغْصُوْبٍ وَإِنْ كَانَتْ صُوْرَةَ
عِبَادَةٍ تَأْثَمُ
أَيُّهَا الْوَلَدُ،
يَنْبَغِى لَكَ أَنْ يَكُوْنَ قَوْلُكَ وَفِعْلُكَ مُوَافِقًا لِلشَّرْعِ إِذِ الْعِلْمُ
وَالْعَمَلُ بِلَا اقْتِدَاءِ الشَّرْعِ ضَلَالَةٌ، وَيَنْبَغِى لَكَ أَلَّا تَغْتَرَّ
بِالشَّطْحِ وَالطَّامَّاتِ الصُّوْفِيَّةِ لِأَنَّ السُّلُوْكَ هٰذَا الطَّارِيْقُ
يَكُوْنُ بِالْمُجَاهَدَةِ وَقَطْعِ شَهْوَةِ النَّفْسِ وَقَتْلِ هَوَاهَا بِسَيْفِ
الرِّيَاضَةِ لَا بِالطَّامَّاتِ والتُّرَّهَاتِ
وَاعْلَمْ أَنَّ
اللِّسَانَ الْمُطْلَقَ وَالْقَلْبَ الْمُطْبِقَ الْمَمْلُوْءَ بِالْغَفْلَةِ وَالشَّهْوَةِ
عَلَامَةُ الشَّقَاوَةِ، فَإِذَا لَمْ تَقْتُلِ النَّفْسَ بِصِدْقِ الْمُجَاهَدَةِ
فَلَنْ يَحْيَ قَلْبُكَ بِأَنْوَارِ الْمَعْرِفَةِ
Nasehat Kesepuluh: Bangunlah Beribadah Di Waktu Malam
بسم الله الرّحمن الرّحيم
أَيُّهَا الْوَلَدُ،
لَوْ كَانَ الْعِلْمُ الْمُجَرَّدُ كَافِيًا لَكَ وَلَا تَحْتَاجُ إِلٰى عَمَلٍ سِوَاهُ
لَكَانَ نِدَاءُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ ؟
ضَائِعًا بِلَا فَائِدَةٍ، وَرُوِيَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللّٰهِ عَلَيْهِمْ
أَجْمَعِيْنَ ذَكَرُوْا عَبْدَ اللّٰهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُمَا عِنْدَ
رَسُوْلِ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : نِعْمَ الرَّجُلُ هُوَ
لَوْ كَانَ يُصَلِّى بِاللَّيْلِ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِرَجُلٍ
مِنْ أَصْحَابِهِ : يَا فُلَانُ لَا تُكْثِرِ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَإِنَّ كَثْرَةَ
النَّوْمِ يَدَعُ صَاحِبَهُ فَقِيْرًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَيُّهَا الْوَلَدُ،
وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ أَمْرٌ، وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُوْنَ
شُكْرٌ، وَالْمُسْتَغْفِرِيْنَ بِالْأَسْحَارِ ذِكْرٌ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
: ثَلَاثَةُ أَصْوَاتٍ يُحِبُّهَا اللّٰهُ تَعَالٰى صَوْتُ الدِّيْكِ وَصَوْتُ الَّذِيْ
يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَصَوْتُ الْمُسْتَغْفِرِيْنَ بِالْأَسْحَارِ
قَالَ سُفْيَانُ
الثَّوْرِى رَحْمَةُ اللّٰهِ عَلَيْهِ : إِنَّ اللّٰهَ تَبَارَكَ وَتَعَالٰى خَلَقَ
رِيْحًا تَهُبُّ بِالْأَسْحَارِ تَحْمِلُ الْأَذْكَارِ وَالْإِسْتِغْفَارِ إِلَى الْمَلِكِ الْجَبَّارِ، وَقَالَ أَيْضًا : إِذَا
كَانَ أَوَّلُ اللَّيْلِ يُنَادِى مُنَادٍ مِنْ تَحْتَ الْعَرْشِ : أَلَا لِيَقُمِ
الْعَابِدُوْنَ، فَيَقُوْمُوْنَ وَيُصَلُّوْنَ مَا شَاءَ اللّٰهُ، ثُمَّ يُنَادِى مُنَادٍ
فِيْ شَطْرِ اللَّيْلِ : أَلَا لِيَقُمِ الْقَانِتُوْنَ، فَيَقُوْمُوْنَ فَيُصَلُّوْنَ
إِلَى السَّحْرِ، فَإِذَا كَانَ السَّحْرُ نَادَى مُنَادٍ : أَلَا لِيَقُمِ الْمُسْتَغْفِرُوْنَ،
فَيَقُوْمُوْنَ وَيَسْتَغْفِرُوْنِ، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ نَادَى مُنَادٍ : أَلَا
لِيَقُمِ الْغَافِلُوْنَ، فَيَقُوْمُوْنَ مِنْ فُرُشِهِمْ كَالْمَوْتٰى نُشِرُوْا مِنْ
قُبُوْرِهِمْ
أَيُّهَا الْوَلَدُ،
رُوِيَ فِيْ وَصَايَا لُقْمَانُ الْحَكِيْمِ لِابْنِهِ أَنَّهُ قَالَ : يَا بُنَيَّ،
لَا يَكُوْنَنَّ الدِّيْكُ أَكْيَسَ مِنْكَ يُنَادِى بِالْأَسْحَارِ وَأَنْتَ نَائِمٌ،
وَلَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ شِعْرًا
لَقَدْ هَتَفَتْ
فِيْ جُنْحِ لَيْلٍ حَمَامَةٌ # عَلٰى فَنَنٍ وَهْنًا وَإِنِّيْ لَنَائِمٌ
كَذَبْتُ وَبَيْتِ
اللّٰهِ لَوْ كُنْتُ عَاشِقًا # لَمَا سَبَقَتْنِيْ بِالْبُكَاءِ الْحَمَائِمُ
وَأَزْعُمُ أَنِّيْ
هَائِمٌ ذُوْ صَبَابَةٍ # لِرَبِّيْ فَلَا أَبْكِى وَتَبْكِى الْبَهَائِمُ
Nasehat Kesembilan: Tinggikan Cita-Citamu, Lawanlah Nafsumu Dan Buatlah Bekalan Akhirat
بسم الله الرّحمن الرّحيم
أَيُّهَا الْوَلَدُ،
اجْعَلِ الْهِمَّةَ فِى الرُّوْحِ وَالْهَزِيْمَةَ فِى النَّفْسِ وَالْمَوْتَ فِى الْبَدَنِ
لِأَنَّ مَنْزِلَكَ الْقَبْرُ وَأَهْلُ الْمَقَابِرِ يَنْتَظِرُوْنَكَ فِيْ كُلِّ لَحْظَةٍ
مَتٰى تَصِلُ إِلَيْهِمْ، إِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تَصِلَ إِلَيْهِمْ بِلَا زَادٍ
قَالَ أَبُوْ بَكْرٍ
الصِّدِّيْقِ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ : هٰذِهِ الْأَجْسَادُ قَفَصُ الطُّيُوْرِ أَوِ
اصْطَبْلُ الدَّوَابِّ فَتَفَكَّرْ فِيْ نَفْسِكَ مِنْ أَيِّهِمَا أَنْتَ ؟ إِنْ كُنْتَ
مِنَ الطُّيُوْرِ الْعَلَوِيَّةِ فَحِيْنَ تَسْمَعُ طَنِيْنَ طِبْلٍ إِرْجِعِيْ إِلٰى
رَبِّكِ تَطِيْرُ صَاعِدًا إلٰى أَنْ تَقْعَدَ فِيْ أَعَالِى بُرُوْجِ الْجِنَانِ كَمَا
قَالَ رَسُوْلُ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمٰنِ مِنْ مَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ،
وَالْعِيَاذُ بِاللّٰهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الدَّوَابِّ كَمَا قَالَ اللّٰهُ تَعَالٰى
: اُولٓئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ، فَلَا تَأْمَنِ انْتِقَالَكَ مِنْ زَاوِيَةِ
الدَّارِ إِلٰى هَاوِيَةِ النَّارِ
وَرُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ
الْبَصْرِى رَحِمَهُ اللّٰهُ تَعَالٰى أُعْطِىَ شُرْبَةَ مَاءٍ بَارِدٍ فَأَخَذَ الْقَدَحَ
وَغُشِيَ عَلَيْهِ وَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قِيْلَ : مَا لَكَ يَا أَبَا
سَعِيْدٍ ؟ قَالَ : ذَكَرْتُ أُمْنِيَّةَ أَهْلِ النَّارِ حِيْنَ يَقُوْلُوْنَ لِأَهْلِ
الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيْضُوْا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّٰهُ